لماذا لا نرى الله؟ كتبته ياسمين
النص: لماذا لا نرى الله؟
الحواس ليست وسيلة معرفية حصرية*
لقد عرف الانسان وسائل متنوعة من المعرفة,ولم تقتصر مداركه المعرفية على الحواس_فقط_بل أثبت العلم أن هناك معارف وحقائق خارج سلطة الحواس,حيث ان هناك حقائق كثيرة نقطع بوجودها,إلا أن حواسنا لا تملك أي معرفة بها ,فمن منا لا يؤمن بوجود الحب,أو الغضب,أو الفرح,أو الخوف؟مع أن حواسنا كلها لا تصل إليها.ثم هل الروح الانسانية موجودة أم لا؟وهل نلغي الإيمان بها:لاننا لم نعثر عليها على طاولة التشريح,أو تحت عدسة المجهر!؟.
كما أن الحواس تنتج معارف خاطئة أحيانا\",ألا ترى كيف تظهر العصا مكسورة إذا نظرت إليها في الماء(بسبب إنكسار الاشعة في الماء) ,وسرعان ما ينكشف كذب العين عند إخراجها من الماء.ولنتأمل_أيضا\"_في ظاهرة السراب,فالعين ترى الماء بسبب نور الشمس الذي يسطع على الطرقات المتعرجة,في حين أن هذا الماء هو سراب وليس حقيقة.
والدقة هنا تقضي القول بأن هذه الأخطاء لا تتحمل مسؤوليتها الحواس:لأنها تراها كما هي,بل إن الذهن (الذي يجب أن يقيم الترابط بين الحقائق)هو من يتحمل المسؤولية
.
البصر الضعيف أمام المخلوق أضعف أمام الخالق*
إن على الإنسان أن يخشع عقله وقلبه أمام الخالق الذي:<لا تدركه الأبصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير>75
المعاند لن يؤمن ولو رأى الله*
إن من صرف عقله عن سبيل الاقناع فلن يؤمن حتى ولو قُدر لبصره أن يرى الله:لان المعاند إنما يُلقي الشبهات لا ليحصل على إجابة ,بل ليوقع الخصم في لإشكال.وايات الله مكشوفة لمن يريدها ويستقيم إلى مغزاها,ولكنها هي وحدها لا تُقنع من لا يريد ولا يستقيم.
<ولو فتحنا عليهم بابا\" من السماء فظلوا فيه يعرجون*لقالوا إنما سُكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون>
فحتى العيان لا يفي لإقناع من صرف عقله عن سبيل الإقناع:لأنه يتهم بصره وسمعه في ما رأى بعينيه وسمع بأذنيه,وكل .شئ في الارض والسماء كاف لمن جرد عقله من أسباب الإنكار والإصرار فطلب الإيمان إن لم يكن هدفا\" عند السائل فإنه لن يصل الى نتيجة,كما أن عدم الشعور بحضور الله هو نتيجة البعد عنه.والوقوع في المعاصي هو الذي يجعل الإنسان في موقع السؤال عن أمور هي في غاية الوضوح
كيف نرى الله*
يمكن القول بأن الله (تعالى) يُرى,ولكن الرؤية لا تتوقف على ما تقدمه العين,فإن الرؤية بوساطة القلب والذهن أكثر انعكاسا\" على صفحة النفس,وهذا ما عبر عنه الأمام علي(ع)عندما سُئل: هل رأيت ربك؟حيث قال:وكيف أعبد من لم أراه؟لم تره العيون بمشاهدة العيان,ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان\"\"
وإن علينا أن نحسن التأمل في مدى قرب الله منا:<ونحن أقرب إليه من حبل الوريد وعندما تستفيق القلوب الواعية ,وتنتعش النفوس المطمئنة,وتحلق الابدان من عالمها المادي,فإنها ترى ما لا يُرى,وتسمع ما لا يُسمع,فتصبح الحقائق أكثر من أن تعد ,والايات أكثر من ان تحصى لذا قال الامام علي عليه السلام\"..ما رأيت شيئا\"إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه...\"
