بسمه تعالى ألخمر في القرآن والإنجيل --------------------------------- رغم أن مسألة حرمة تعاطي الخمر تعتبر قطعية وجهة نظر إسلامية وهي إحدى ضرورات الدين الإسلامي أي خارج نطاق إجتهاد علماء المسلمين ولم تكن في يوم ما مدار بحث خلافي بينهم ، لكن إنتشار تعاطي الخمور في كل المجتمعات إنطلاقا من إعتبار أن الدين المسيحي يبيح ذلك وصولا إلى إستشراء هذا الداء الخبيث بين فئات كثيرة من المسلمين والذي كان مدخله التواصل الطبيعي بين الناس على إختلاف إنتماءاتهم الدينية . هذا ما دفعني إلى التفكير في هذا البحث والأمل بالله أن أوفق لما فيه رضاه تعالى في الدارين بداية أتناول البحث من وجهة نظر القرآن الكربم : فقد وردت كلمة الخمر في القرآن ثلاث مرات وعلى النحو التالي: 1- سورة البقرة آية 219 | (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) . 2- سورة المائدة آية 90 | ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فإجتنبوه لعلكم تفلحون ). 3- سورة المائدة آية 91| ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ). =ووردت كلمة (خمرا ) مرتين كما يلي| 4- سورة يوسف آية36 |(ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا) . 5- سورة يوسف آية 41(يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا). = ووردت كلمة (خمر) مرة واحدة . 6- سورة محمد آية 15 (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها ... وأنهار من خمر لذة للشاربين). نضيف الى ذلك أن كلمة الرجس التي نعتت بها الخمر في الآية الثانية المذكورة أعلاه ذكرت في القرآن عدة مرات نأخذ منها الآية التالية7- سورة الأنعام آية 145 (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس ). = ونزيد الآية التالية : 8- سورة الأعراف آية 32: (قل إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق ). عود على بدء أقول أنه يتحصل مما ذكرنا أن مفردات لفظة خمر وردت في القرآن 6 مرات فقط . وقد تعمدت عدم تناول الموضوع من جهة الروايات الشريفة الصادرة عن أهل العصمة في هذا المجال رغم أنها تملأ كتب المسلمين، وسأكتفي بالآيات المشار إليها بإعتبار أني عنونت البحث بعنوان القرآن لذلك أقول : أن الآيات الثلاث الأولى هي في الغالب محور الكلام ومحط الإستدلال . فالأية الأولى وهي مدنية تشير الى سؤال موجه الى النبي (ص) حول الخمر والميسر ، وأمر من المولى تعالى أن تكون الإجابة على أن فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما . والإثم هنا بمعنى الضرر أي أن فيهما ضرر كبير ، وقد إشتبه بعض الناس أن ذكر المنافع للخمر والميسر يوحي بعدم الحرمة ، والحق يقال أن هناك منافع للخمر والميسر ولكن من وجهة نظر الناس الذين يتعاملون بالخمر بيعا وشراء لتحصيل المكسب المالي بالإتجار به قبل شربه الذي فيه كل الضرر ، وأما الميسر فهو بنظر المتعاملين به باب من أبواب الكسب بلا مشقة ، والكسب منفعة. ولكن غاب عن هؤلاء أن ذكر المنافع لا يعني الحلية حيث أنه ليست كل المنافع جائزة كما لو أن القاتل قتل لينتفع بمال غريمه . وعليه فالأية لم تذكر الحرمة صراحة ولكنها تشير إلى الحرمة من أكثر من ناحية| أولا| ذكر أن فيهما ضرر كبير | فالعقل والشرع يحكمان أن كل ضرر مباشر على الإنسان هو حرام . ثانيا"| ذكر أن الضرر أكبر من المنفعة التي يظنها الإنسان | فالمعلوم أن ما كان جانب الضرر فيه أكبر من النفع تغلبت فيه جهة الحرمة على الحلية حفاظا على الإنسان . ثالثا"| الآية التي في أيدينا تفيد أن في الخمر إثم كبير ، وعطفا على الآية 32 من سورة الأعراف والتي تصرح أن المولى قد حرم الإثم تصبح النتيجة : كل إثم حرام ، والخمر إثم ، إذا" الخمر حرام . ------------------------------------------------- وأما الآية الثانية والتي تقول (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فإجتنبوه لعلكم تفلحون ) فيمكن الحديث من خلالها عن عدة إشارات وتصريحات مهمة وهي كما يلي| 1- الآية تقرن الخمر بالميسر كما في الآية السابقة وتضيف الى هذا الإقتران الأنصاب والأزلام ، والمعلوم أن الأنصاب تعني الأصنام وقيل أن الأزلام هي قطع من الخشب على هيئة السهام كان أهل الجاهلية يستقسمون بها .وهنا يكفي مساواة الخمر بالأصنام للدلالة على الحرمة خاصة اذا تذكرنا أن أولى مهمات الإسلام كانت تحطيم الأصنام وذكر أن جهنم أعدت لعابديها . 2- الآية تصرح أن المذكورات ابتداء من الخمر الى الأزلام هي رجس والرجس يعني القذارة ،وعطفا على الآية 145 من سورة الأنعام والتي تعلل تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير بأنه رجس وعليه يتحصل أن كل رجس حرام والخمر رجس إذا" الخمر حرام . 3- الآية تشير الى أن الخمر رجس من عمل الشيطان ،وهنا يكفى أن ينسب الخمر الى أعمال الشيطان حتى تعلم الحرمة. 4- كلمة فإجتنبوه الضمير فيها واضح أنه يعود الى الرجس الذي علمنا حرمته ولفظة إجتنبوه هي أمر بالإجتناب والأمر يدل على الوجوب ووجوب الإجتناب يعني حرمة الفعل أي حرمة تعاطي الخمر كما باقي المذكورات في الآية . 5- ( لعلكم تفلحون ) وهي العبارة التي إنتهت بها الآية تعلل أن وجوب الإجتناب من أجل الفلاح ونتيجة عكسه بلا شك هو الخسران . ولا يكون خسران إلا بإرتكاب المحرمات . ---------------------------------------------------------- وأما الآية الثالثة والتي تقول |( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكمالعداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة) فنستفيد منها ما يلي | 1- تأكيد جديد أن تعاطي الخمر والميسر لا يكون إلا بإيحاء من الشيطان والشيطان لا يوحي إلا بإرتكاب الحرام. 2-أفادت الآية أن الخمر والميسر هما سبب أساسي لإيقاع العداوة والبغضاء بين الناس وهذا ما يعتبر من أشد المفاسد الإجتماعية والتي جاء الإسلام لمحاربتها والقضاء عليها ولا يتم القضاء عليها إلا بتحريم أسبابها وأهم تلك الأسباب كما رأينا الخمر والميسر . 3-إن الخمر والميسر كما أنهما يفسدان العلاقات الإجتماعية فكذلك هما يفسدان علاقة الإنسان بربه ويمنعانه من ذكر الله والتعبد له وعليه لا يعقل حلية ما يقطع علاقة الإنسان بربه بل لا بد من أن يكون من أول المحرمات . --------------------------------------------------------------- أما بالنسبة للآية الرابعة وهي الآية36 من سورة يوسف والتي تقول ( ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا") والآية الخامسة وهي الآية 41 من سورة يوسف أيضا ونصها(يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا ). فالواضح أنهما ليستا من آيات التشريع ولا تتناولان الحرمة أو الحلية من قريب أو بعيد. بل كل ما في الأمر أنهما حكاية عن حادثة معينة وهي رواية رؤيا لأحد المساجين مع يوسف(ع) وتفسيره لهذه الرؤيا. لذلك فالآيتان ليستا داخلتين في إطار الإستدلال حول الموضوع . --------------------------------------------------- تبقى الآية السادسة وهي الآية 15 من سورة محمد والتي تقول (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها ... وأنهار من خمر لذة للشاربين) فهذه الآية ربما أثارت بعض الشبهات وهي كيف يحرم الله الخمر في الدنيا ويجعله جائزة للمطيعين في الآخرة . والرد على هذه الشبهة في غاية الوضوح إذ أن الخمر التي حرمها الله في الدنيا هي التي من صفاتها - الضرر الكبير . -وأنها رجس . -وأنها من عمل الشيطان . -وأنها توقع العداوة والبغضاء بين الناس . -وأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة . أما الخمر التي جعلها الله جائزة للمؤمنين فهي لها صفة واحدة وهي اللذة للشاربين وهذه الصفة راجحة شرعا وعقلا لا سيما وأنها لا تحوي أي من الصفات الخبيثة والتي كانت علل تحريم خمر الدنيا. ----------------------------------------------------- -------- هذا ما استفدناه من النصوص القرآنية حول موضوع الخمر وقد تبين لنا بما لا يدعو للشك أن تحريم القرآ ن للخمر قطعي لا لبس فيه ولو تطرقنا الى الروايات الشريفة لوجدنا الشدة في التحريم واللعن للصانع والبائع والشاري والحامل والشارب لها وليس بعد هذا حديث . وصار لا بد من التطرق للإنجيل لنرى ما يحويه حول الموضوع : = = = فقد وردت كلمة (الخمر ) في الإنجيل 13 مرة ، وكلمة (خمر ) 7 مرات وكلمة (خمرا") 9 مرات أي ما مجموع مفردات لفظة خمر 29 مرة. وسنعمل على إختيار النصوص المشار إليها والتي لها علاقة مباشرة بالموضوع : 1- إنجيل متى إصحاح 9 آية 17 : ( بل تجعل الخمر الجديدة في زقاق جديدة فتحفظ جميعا" ) 2- إنجيل مرقس إصحاح 2 آية 22 : ( ... وإنما تجعل الخمر الجديدة في زقاق جديدة ) . 3- إنجيل لوقا إصحاح 5 آية 38 : (وإنما يجب أن تجعل الخمر الجديدة في زقاق جديدة). هذه النصوص الثلاثة وردت في ثلاثة أناجيل من أصل أربعة معتمدة عند المسيحيين اليوم وهي محكية بحسب السياق عن لسان السيد المسيح(ع) ويلاحظ حولها ما يلي: - أنها نص واحد ردد في الأناجيل الثلاثة . - أن السياق الذي وردت من خلاله هو سياق التمثيل (أي ضرب الأمثلة) وهو المشهور حكايته عن لسان السيد المسيح(ع). وضرب المثل عادة يكون بما هو مشهور ومتعارف عند الناس ولا يعني هذا إقراره أو تشريعه . - إن ما ضرب به المثل من حيث إعتبار الجودة في الخمر الجديدة يخالف ما هو السائد عند متعاطي الخمور في هذه الأيام حيث يعتبرون الخمور المعتقة هي الأجود والأعلى قيمة ، لذا لو قلنا بصدور النص عن السيد المسيح (ع) فهو لا يتعدى كونه تمثيلا بالمتعارف بين الناس يومها والعرف كما علمنا قد تبدل وثبت عكسه. - أخيرا ليس في النص ما يصرح بالدعوة الى شرب الخمر أو بجوازه. 4- إنجيل يوحنا إصحاح 2 آية 3 | ( وإذ نفذت الخمر قالت أم يسوع له ليس عندهم خمر ). هذا النص جاء ضمن سياق يحكي قصة ملفتة للنظر ومثيرة للإهتمام تقول:أن يسوع حضر الى قانا الجليل ليشارك في عرس يقام فيها مع تلاميذه، وكانت أمه هناك حتى إذا نفذت الخمر : ( قالت أم يسوع ليس عندهم خمر ) -( فقال لها يسوع مالي ولك يا إمرأة إن ساعتي لم تأتي بعد) -(فقالت أمه للخدام مهما قال لكم فإفعلوه ) -( وكان هناك ست خوابي من حجر موضوعة لغسول اليهود...) -( فقال لهم يسوع إملأوا الخوابي ماء فملأوها الى فوق) -( فقال لهم إستقوا الآن وقدموا إلى رئيس الوليمة...). ثم في الآية 11 من نفس الإنجيل ونفس الإصحاح : - ( تلك هي أولى عجائب يسوع صنعها في قانا الجليل وأظهر مجده فآمن به تلاميذه). هذه هي القصة وهي كما يلاحظ تروي حادثة على قدر كبير من الأهمية خاصة وأنها وصفت بأنها أولى معجزات السيد المسيح والتي أظهرت مجده ، لذلك لا بد من ذكر الملاحظات التالية | 1- القصة بكاملها لم تذكر إلا في إنجيل يوحنا ولم تتعرض لها أناجيل متى ولوقا ومرقس . 2- كيف يعقل أن تكون المعجزة الأولى والتي أظهرت مجد يسوع مجهولة من قبل أصحاب الأناجيل الثلاثة حتى لا يأتوا على ذكرها ؟ وهل هناك سبب آخر غير الجهل بها يدعو لإغفالها وعدم التعرض لها؟ 3- كيف يمكن أن ينفرد صاحب إنجيل يوحنا بمعرفة الحادثة المعجزة وينفرد بروايتها دون غيره ؟ 4- أين كان موقع تلاميذ يسوع الذين شهدوا المعجزة التي أظهرت مجد يسوع وجعلتهم يؤمنون به كما في النص ولماذا لم يذيعوا خبرها حتى تملأ الخافقين بدل أن تتجاهلها ثلاثة أرباع الأناجيل المعتمدة؟ 5- حسب رواية نفاذ الخمر يبدو أن عدد المدعوين الى العرس كان كبيرا لذا نفس السؤال السابق يطرح نفسه أين موقع هؤلاء من إذاعة خبر المعجزة حتى لا تتجاهلها الأناجيل. 6- حسب النص المعجزة تمت بناء على طلب أو إشارة من أم يسوع الذي أجابها بعبارة ما لى ولك يا إمرأة، هل هذه العبارة تليق بمؤمن عاقل ليخاطب بها أمه فضلا" عن أن يكون المتكلم بها من أرسل رحمة للعالمين ؟ - هل يعقل أن تكون رسالة يسوع تعليم الناس البر بالناس ولا يكون هو بارا" بأمه ؟ 7- قانا الجليل التي يروي النص حصول المعجزة فيها لم تذكر سوى 4 مرات وفي إنجيل يوحنا فقط والأناجيل الباقية أغفلت ذكرها تماما. 8- شاع بين الناس أن معجزة تحويل الماء الى خمر قد تمت في مغارة في قانا الجليل ، وأن هذه المغارة قد أكتشفت في بلدة قانا جبل عامل وأن مساحتها لا تتعدى 7 أمتار مربعة . وعليه أقول : لم يرد ذكر المغارة في أي من الأناجيل الأربعة المعتمدة . وكيف يمكن لمغارة لا تتجاوز مساحتها 7 أمتار مربعة أن تسع حفلا" يضم عددا غفيرا" من المدعوين بينهم يسوع وتلاميذه وأمه ؟. 9- في النصوص التي سنأتي على ذكرها لاحقا" سنجد العديد منها يذم الخمر والإكثار منه ذما" شديدا" ولوتجاوزنا كل الملاحظات التي ذكرناها آنفا ومع إعتبار أن صاحب العرس قد أعد كمية كبيرة من الخمر لمدعويه كما المفترض بأي صاحب دعوة كهذه ورغم ذلك نفذت فكيف يمكن أن يلجأ يسوع إلى تقديم ستة خوابي مليئة بالخمر مع العلم أن السكر مذموم جدا" كما سنرى بعد قليل . ولو كان لا بد من معجزة في هذا الحفل ألم يكن هناك من إعجاز عن غير طريق إسكار الناس . 10- يتحصل مما أوردناه من ملاحظات أن أعجوبة تحويل الماء الى خمر لا يمكن الحكم بصحتها وسنرى بعد ذكر النصوص الباقية أن من يحكم بصحة هذه القصة إنما يطعن بطهارة السيد المسيح (ع). --------------------------------------------------------- = وإستكمالا" للبحث نورد ما جاء في إنجيل لوقا حول النبي يحي أو كما يسمونه يوحنا المعمدان : === إنجيل لوقا إصحاح 1 من آية 13 إلى آية 15 -- في بشارة الملاك لزكريا -- (... امرأتك ستلد لك إبنا" فتسميه يوحنا به يكون لك فرح وإبتهاج وبمولده يفرح الكثيرون ، لأنه سيكون عظيما" أمام الرب ولا يشرب خمرا" ولا مسكرا" ). === إنجيل لوقا إصحاح 7 آية33 . ( فلقد جاء يوحنا المعمدان لا يأكل خبزا" ولا يشرب خمرا" وأنتم تقولون أن به شيطانا" ). هذا هو يوحنا المعمدان في الإنجيل رجل تتجسد به الطهارة وعلامة طهارته أنه لا يشرب الخمر . وكما في بشارة الملاك لزكريا سيكون عظيما أمام الرب والعلة أيضا" واحدة لأنه لا يشرب الخمر . ويسوع المسيح يشهد ليوحنا بأنه لا يشرب الخمر بينما من لا يعرفه يقول أن به شيطانا".والعبارة توحي بأن من لا يشرب الخمر لا سبيل عليه للشيطان . بعد أن تبين من النص أعلاه أن الصفات الجليلة إبتداء من عدم السبيل للشيطان والطهارة والعظمة أمام الرب كلها كان سببها والداعي لها عدم شرب الخمر ، كيف يمكن عندها أن نجمع بين هذا النص وبين النص القائل أن يسوع المسيح كان يقوم بأعجوبة تحويل الماء الى خمر من أجل أن يسكر رئيس الوليمة ومن معه في العرس . - كيف يمكن الجمع بين القول أن تحويل الماء الى خمر صنع مجد يسوع والقول أن عدم شرب يوحنا الخمر جعله عظيما" أمام الرب . - وإذا كان تحريم الخمر على النفس يؤدي الى العظمة أمام الرب ترى ألم يأتي يسوع لجعل كل الناس عظماء أمام الرب فكيف يصنع الخمر لهم بدل أن يحرمها عليهم ؟. هذا أهم ما جاء في الأناجيل الأربعة المعتمدة عن مسألة الخمر وبقي أن نذكر النصوص التي جاءت في رسائل القديسين ورؤيا القديس يوحنا . 1= رسالة القديس بولس الى الغلاطين إصحاح 5 آية 9 ( فيسر من الخمر يخمر العجين كله ) 2= رسالة بولس الى الأفسيين إصحاح 5 آية 18 . ( لاتسكروا من الخمر فإن فيها الدعارة ) 3= رسالة بولس الأولى الى تيموثاوس إصحاح 3 آية 8. ( وكذلك فليكن الشمامسة أدباء لا ذوي لسانين ولا مولعين بالإكثار من الخمر ) 4= رسالة بولس الأولى الى تيموثاوس إصحاح 5 آية23 . ( لا يكن شرابك من بعد الماء فقط بل خذ قليلا" من الخمر بسبب معدتك وأمراضك المتواترة ). 5= رسالة بولس الى تيطس إصحاح 2 آية 3 . ( وكذلك العجائز فلتكن سيرتهن على ما يليق بالقداسة لا نمامات ولا مستعبدات للإكثار من الخمر ) - هذه النصوص كما يلاحظ جاءت كلها في رسائل القديس بولس . - هذه النصوص كما هو ظاهر أيضا" تشرع الخمر لكنها تشرع القليل منه وتعتبر الإكثار منه مذمة ومنقصة للإنسان . - بينما يعتبر بولس أن القليل من الخمر يخمر العجين كله وأنه لا بد من هذا القليل من أجل المعدة والأمراض المتواترة فإنه يعتبر بالمقابل . - أن الإكثار من الخمر يؤدي الى الدعارة . - وأنه يؤدي الى نقيض الأدب عند الشمامسة. - وأنه لا يليق بالقداسة . - وأنه يؤدي الى الإستعباد له . - ترى مع كل هذه المخاطر والخبائث من يضمن لشاربي الخمر القدرة على عدم الإكثار منه ؟ - وإذا كان لا ضمان من عدم الإفراط في شرب الخمر فكيف يشرع بولس القليل منه وشرب القليل بلا شك يؤدي الى الإكثار ؟ - وكما صار واضحا" فإنه لم يرد أي نص عن لسان السيد المسيح يشرع شرب الخمر قلة أو كثرة سوى ما جاء في قصة الأعجوبة التي أثبتنا عدم صحتها . - وظهر لنا بالشكل الصريح أن من شرع شرب الخمر في الدين المسيحي هو القديس بولس وليس يسوع المسيح الذي إعتبر عصمة يوحنا من الشيطان سببها عدم شربه للخمر كما إعتبر الإنجيل السبب نفسه باب التعظيم ليوحنا أمام الرب . - ولا بد من الإشارة الى أن رسائل باقي القديسين وأعمال الرسل خالية كلها من أي إشارة الى الخمر لا إلى قصة أعجوبة تحويل الماء الى خمر ولا الى إجازة شرب القليل منه . بقي لدينا أن نذكر ما ورد في رؤيا القديس يوحنا حيث ذكرت كلمة خمر 5 مرات وها هي . = رؤيا يوحنا إصحاح 14 آية 8 . ( سقطت بابل العظيمة التي أروت جميع الأمم من خمر فورة فجورها ) = إصحاح 14 آية 10. ( فإنه هو أيضا" يشرب من خمر غضب الله ) = إصحاح 16 آية 19 . ( وذكرت بابل العظيمة أمام الله ليعطيها الكأس التي فيها تتفور خمر سخطه ) = إصحاح 17 آية2 : ( التي فجر معها ملوك الأرض وأسكرت سكان الأرض من خمر فجورها ) = إصحاح 18 آية 3 : ( لأن جميع الأمم قد إرتووا من خمرة فجورها ). هذه هي آخر النصوص في المقام وهي كما رأينا تحكي جزءا" من رؤيا القديس يوحنا وتتناول ضمن ألفاظها كلمة الخمر ولكن كتعبير لازم لوصف فجور مدينة بابل أو كتعبير ملازم لغضب الله وفي الحالتين لا يمكن بأي حال إعتبار النحو الذي مرت فيه هذه التعابير من أنواع المدح بشرب الخمر أو التشريع بذلك بل المنطوق والمفهوم في هذه التعابير لايشيران إلا الى صفحة جديدة من الذم الشديد بالخمر وشاربيها. وإن كان لا بد من كلام أخير فهو أن السيد المسيح (ع) بريء تمام البراءة من مسؤولية تشريع الخمر ، وأن هذه المسؤولية إن وجدت فإنما تقع على عاتق إنجيل يوحنا ورسائل بولس لا غير يبنما بقية الأناجيل ورسائل القديسين وأعمال الرسل لا تشير من قريب أو بعيد الى مسألة جواز شرب الخمر . والسلام ابراهيم فواز -------------- إســتـطراد إتماماً للفائدة وحتى يكون البحث أكمل أثراً نورد بعض ما يقوله الطب الحديث عن آثار تـناول الخمر ومضاره الهائلة وذلك إقتباساً عن كتاب القرآن والطب الحديث لمؤلفه الدكتور صادق عبد الرضا علي . [ يذهب العلم الحديث إلى أن الإدمان على الخمر يسبب تحول الخلايا الكبدية الحية إلى ألياف ميتة لا فائدة للجسم منها ، وينتج عن ذلك إستسقاء البطن ، كما يؤدي إلى تصلب الشرايين وما يتبعه من مضاعفات كأمراض القلب والكلى والنزيف المخي. يقول الدكتور كيلبرج في كتاب الإستعمال الطبي للخمر : من كان عنده أقل ريب أو ظن للشك في أن الخمر سم فليعتبر بما يكون عند وصولها للمعدة . فإن الغشاء المخاطي يصير محتقناً ويخرج مقداراً من المخاط ليحمي نفسه، وترى غدد المعدة وقواها الدافعة تسرع في إخراج ما وصل إليها بأسرع ما يكون . ويقول الدكتور مار الأسكتلندي : إن الخمر لا تشفي شيئاً . ويقول الدكتور أمام الجمعية الطبية البريطانية: لا أعلم مرضاً قط شفي بالخمر . ... التأثير الفيزيولوجي للخمر على الإنسان : 1- يوسع الأوعية الدموية . 2- مسكن ومنوم . 3- يزيد إفرازات المعدة . 4- يؤدي إلى نقص كمية السكر في الدم . 5- يقلل الرغبة الجنسية عند المدمنين . 6- يؤدي إلى فقدان الشهية للطعام . 7- يؤدي إلى التسمم بالكحول ويكون حاداً ومزمناً. 8- يؤثر إما بزيادة فاعلية بعض الأدوية أو بالتأثير المشترك معها على قابلية الإنسان وقدرته العصبية . = التسمم الكحولي الحاد وأعراضه المرضية : 1- يؤثر على الجهاز العصبي ويؤدي إلى ثبوطه بإعتباره مادة مخدرة . 2- في بداية السكر يؤدي إلى فقدان السيطرة على الإرادة والإنعكاسات والملاحظة والإنتباه . 3- يؤدي إلى فقدان السيطرة على الأخلاق نظراً لتأثير الخمر على الجهاز العصبي العلوي مما يؤدي إلى الإعتداء والمشاجرة وإرتكاب الجرائم بأنواعها ، ولا سيما الجنسية منها . 4- ضعف القابلية البدنية للعضلات وقصور مقاومتها وثباتها على العمل 5- يؤدي إلى ضعف البصر . 6- يؤدي إلى الحول المؤقت والدوران . 7- يعرقل قابلية الذوق . 8- يعرقل قابلية الشم . 9- يعرقل قابلية السمع . 10- ضيق بصر السكير مما يسبب له حوادث كثيرة أثـناء قيادة السيارات وحتى في حالات المشي العادي . 11- إلتهاب حاد في البنكرياس . 12- إلتهاب حاد في الكبد . 13- وذمة الرئة الحادة . 14- الغيبوبة نتيجة التسمم الحاد ومن علائمها : التقيؤ وهبوط درجة الحرارة مع نوبات من الصرع وتقلص شديد في العضلات وثبوط الجهاز العصبي . = التسمم الكحولي المزمن وأعراضه المرضية : يحدث نتيجة تـناول الكحول بكميات كبيرة ومستمرة كما يؤدي إلى حدوث مضاعفات متعددة على أجزاء الجسم المختلفة منها : 1- مضاعفات على الجهاز العصبي تحدث بالتدريج حين تصاب أعصاب معينة في باديء الأمر ثم يعم التأثير ليشمل مختلف الأعصاب وخلايا الدماغ ولعل تأثير الإدمان على خلايا الدماغ أشد من غيرها وتعقبه مضاعفات دماغية عديدة مثل ضعف الذاكرة وعدم ثبات العاطفة. أما الأعراض النفسية التي تظهر على المرضى فهي : القلق وإضطراب الفكر ورعشة في البدن، وهلوسة في النظر والصرع بعض الأحيان وإضطرابات نفسية مختلفة تسوقه أحياناً إلى الإعتداء على الآخرين وتجعل حياته العائلية جحيماً لا يطاق . 2- مضاعفات على القلب : يؤثر الخمر على القلب، كما يؤدي إلى إعتلال العضلة القلبية ، أما بالنسبة للمرأة الحامل فإن تناول الكحول بإدمان يؤثر على الجنين ويجعله عرضة للإصابة بتـشوهات ولادية. 3- مضاعفات على الدم : يصاب الشخص المدمن على الكحول بفقر دم شديد متـنوع الأسباب والأعراض وقد يؤدي إلى نزف تحت الجلد نتيجة للنقص الحاصل في عوامل تخثر الدم . 4- مضاعفات جنسية : أ- يزيد الرغبة الجنسية في باديء الأمر ، ولكنه ينقص القدرة على أداء العمل الجنسي في نهاية المطاف . ب- قد يسبب ضمور الخصيتين . ج- إضطراب السلوك الجنسي عند المرأة . د- يضعف النطفة مما يؤدي إلى إحتمال حدوث تشوهات مستقبلية عند الحمل . 5- مضاعفات عامة : الكحول على مقاومة الجسم ويجعله ضعيفاً ، وعرضة للإصابة بالميكروبات المختلفة ، كما وأنه عامل مساعد للإصابة بأمراض السرطان . ويؤثر على خلايا دماغ الطفل بواسطة الأم الحامل عند تـناولها في حالة حدوث تسمم بالكحول . كما يعتبر الكحول من العوامل المساعدة في ظهور كثير من الأمراض النفسية كالهذيان والإعتلال الدماغي ، والتأخر العقلي وقد لوحظ زيادة في الإصابة بداء النقرس والحصويات الكلوية عند تـناوله . 6- مضاعفات على الجهاز الهضمي : يعتبر الكحول من أكثر المسببات التي تؤثر على الجهاز الهضمي بشكل عام ويؤدي إلى مضاعفات عديدة منها : أ- تخريش جدار الفم والبلعوم وضمور حليمات الذوق في اللسان . ب- قد يؤدي إلى إلتهاب اللسان المزمن وحدوث الليوكوبليكيا التى هي مقدمة لإصابة اللسان بالسرطان . ج- إلتهاب المريء مع إحتمال حدوث نزف من جداره . د- عامل مساعد على إصابة المريء بالسرطان . هـ- إلتهاب المعدة الحاد والمزمن . و- عامل مساعد على إصابة المعدة بالقرحة والسرطان . ز- إلتهاب البنكرياس الحاد والمزمن . ح- إلتهاب الكبد الحاد . ط- إلتهاب الكبد المزمن أو تشمع الكبد . ... ] هذه السطور هي بلا شك شاهد قاطع على إستحالة القول بحلية الخمر أو نسب هذا التحليل إلى دين أو نبي بل إلى أي عاقل فكيف يُنسب إلى الله تعالى وإلى أولي العزم من أنبيائه . وآخر دعوانا أن الحمد لله أولاً وآخراً والصلاة والسلام على ألأنبياء والمرسلين والأئمة المعصومين ومن تبع هداهم إلى يوم الدين . إبراهيم فواز ----------