• الموقع : البلاغ : موقع سماحة الشيخ إبراهيم فواز .
        • القسم الرئيسي : الأسئلة والأجوبة .
              • القسم الفرعي : أسئلة عقائدية .
                    • الموضوع : لا إكراه في الدين. ما معنى هذه الاية ؟ .

لا إكراه في الدين. ما معنى هذه الاية ؟

باسمه تعالى


سلام الله عليكم و رحمة الله.
هذا السؤال على قدر كبير من الأهمية و يتفرع منه تشعبات كثيرة لكن قبل الدخول في الإجابة المباشرة أقدم المثال الأتي للتقريب :

لو إفترضنا أنك تريد العيش في بريطانيا و بعنوان مواطن بريطاني تتمتع بكامل حقوق المواطنة . فماذا عليك هنا؟
سيقال لك دون مواربة عليك القيام بالخطوات التالية:
1-دراسة الأنظمة و القوانين المعمول بها في بريطانيا.
2-تقديم طلب الحصول على الجنسية البريطانية.
3-الإلتزام بكافة القوانين و الأنظمة إبتدأ من قانون السير إلى قوانين العمل و الخدمة العسكرية و الضرائب و الأحوال الشخصية.
4-في حال مخالفتك لأي من القوانين فإنك ستتعرض لعقوبات محددة ومنصوص عليها من قبل حصولك على الجنسية البريطانية و بالتالي فأنت لم تشارك في وضعها ولا يحق لك الإعتراض عليها.
5-في حال إصرارك على مخالفة القوانين و الأنظمة دون أي عذر أو مبرر فإنك ستتعرض إلى العقوبات المناسبة.
6-في حال أنك قررت التخلي عن إنتمائك للمواطنة البريطانية فهذا شأنك و عليك أن تعلن تخليك عن الجنسية بإرادتك كما طلبتها بنفسك.
و الأن سؤال لا بد منه هل هذه النصوص المعمول بها تقريبا في كل دول العالم هي منطقية و لا يشعر فيها طالب الجنسية والإنتماء بالقهر والظلم ؟.
اذا فهم ما سبق أقول :
"لا اكراه في الدين"
هذه الاية ترسم ضوابط محددة جدا بشأن طرح الاسلام لمفهوم الدين والدعوة والانتماء .
فالاسلام يطرح نفسه على أن له جنبتين متكاملتين هما الاعتقاد والعمل لا يكمل الا بهما معا .
لكنه يقول أن الدين الذي هو إعتقاد لا يمكن أن يكون فيه إكراه بأي شكل لسبب ذاتي وموضوعي جداً وهو أن الإعتقاد لا يكون إلا بالإقتناع وليس هناك ما يُسمى قناعة بالإكراه .
نعم قد يعلن الانسان انتماءه لعقيدة معينة لكنه قد يكون صادقا وقد يكون كاذبا.
فإن كان إعلانه نابعا من قناعة حقيقية فهو صادق وسمي مؤمناً
وإن كان إعلانه لا يستند الى قناعة حقيقية فهو كاذب وسمي منافقا
ومن الطبيعي أنه لا يوجد دين في التاريخ يريد منافقين
والاعتقاد عالمه داخل العقل والنفس وهذا العالَم لا يعرف حقيقته الا اثنان الله والانسان نفسه وليس للناس حتى لو كانوا حكاما سلطان عليه .
ومن هنا قال الاسلام اني لا اكره احدا على الايمان لانه بصراحة لايمكن إكراه أحدٍ على الاعتقاد وأنا لا أريد منافقين لأن النفاق أخطر وأضر على الاسلام من الكفر المعلن ومن هنا قال في اية أخرى من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر المهم أنه قد تبين الرشد من الغي
وقال للرسول الكريم (ص) لست عليهم بمسيطر وما على الرسول إلا البلاغ و_أأنت تكره الناس على أن يكونوا مؤمنين .
وقال مخاطبا الكافرين بوضوح مبسط لكم دينكم ولي دين
وعليه إذا كان ليس من حق ولا من وظيفة الرسول (ص) إكراه الناس على الدين فمن باب أولى أنه لا يحق لأحد آخر حتى ولو كان دولة ترفع شعار الإسلام إجبار أحد على الدخول في الإسلام .
ولو رجعنا إلى التاريخ لوجدنا أنه في الحروب التي إضطر الرسول (ص) لخوضها وكانت تنتهي بالإنتصار لم يكن الرسول (ص) يجبر أحدا من الكافرين الخاسرين للحرب على الدخول في الإسلام بل كان يخيرهم بين الإسلام طوعا أو البقاء على دينهم ودفع ضريبة (الجزية) ولهم كامل حقوقهم الإنسانية وحتى حرية عباداتهم وعاداتهم شرط عدم التعرض لحرمة المجتمع الإسلامي.
وهذا يتطابق بالتمام مع المثل الذي ضربناه حول طلب العيش في بريطانيا.
فالدولة البريطانية لا تجبر أحدا على الإنتماء لجنسيتها لكنها تقول أنك إن طلبت الجنسية وحصلت عليها فأنت ملزم بكل جزئيات دستورنا وقوانيننا وإن أردت البقاء على جنسيتك والعيش معنا فلا بد من دفعك للضرائب والإلتزام بالقوانين ولك حقوقك الإنسانية لكن لا يحق لك الشاركة في مصير البلد السياسي والعسكري.
وحيث أن الدين غير التدين من ناحية ما فهنا تفصيل :
-الدين وقصدنا به إعلان الإعتقاد والإقتناع والإنتماء وهذا من شأن الشخص نفسه ولحريته الكاملة وليس لأحد إجباره عليه كما تقدم .
-والتدين ونقصد به الإلتزام بالعبادات والمعاملات التي شرعها الله تعالى.
وهذا من حق الدولة الإسلامية إجبار كل من أعلن إسلامه بكامل إرادته على الإلتزام به . أما من لم يعلن إسلامه فلا يحق للدولة ولا لغيرها إجباره على العبادات الإسلامية بل يُلزم فقط بالحفاظ على النظام العام وعدم هتكه.
اما عن السؤال حول كلام بعض المشايخ حسب التعبير
فإن كان يُقصد به أحكام التكفير التي تُطلق أحياناً بحق الأشخاص والجماعات ، فليس من حق أحد مهما بلغ علمه أو سلطانه تكفير أحد من الناس ما دام يشهد الشهادتين ، بل ولا يجوز لأحد أيضاً إهدار دم أحد لمجرد أنه ينتمي إلى دين آخر غير الإسلام .


  • المصدر : http://www.el-balagh.net/edara/subject.php?id=52
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2009 / 11 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19