• الموقع : البلاغ : موقع سماحة الشيخ إبراهيم فواز .
        • القسم الرئيسي : الأبحاث والمقالات .
              • القسم الفرعي : مواضيع قرآنية .
                    • الموضوع : أعظم تشريع للعلاقة الإنسانية (1) .

أعظم تشريع للعلاقة الإنسانية (1)

قال سبحانه تعالى :
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيراً* رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأوَّابِينَ غَفُوراً) .
 وضعتُ أمامي هذه الآيات الثلاث 
ورأيتُ في ظاهرها وأعماقِ مضامينها ما يحتاج كثير وطويل الصفحات لشرحه .
لكني سأحاول الإختصار ما إستطعت داعياً الله أن يوفقني لبيان بعض ما فيه صلاحي وصلاح مَن أُحب .
وعليه أتناول عبائر الآيات تجزئة إبتداءً :
- وقضى : أي وأَمَر . والأمر يستوجب الطاعة بلا إعتراض ولا يصدر إلاّ مِمن له الحق والقدرة على العقاب .
- ربُكَ : خالقكَ ، المنعم عليكَ بالوجود ، المُسخِّر لكَ ما في السموات والأرض، المتوّعِد لكَ بعظيم العِقاب حال مخالفته والواعد لكَ بجميلِ الهناء حال طاعته .
- ألاّ تعبدوا : أي أن لا تطيعوا الطاعة المُطلقة لكلِ أمرٍ ونهي وفعلٍ وتركٍ . و( ألاّ) تفيد الإستثناء والمنع والرفض .
- إلا إيّاه : إستثناء وحصر الأمر بعبادة الله الواحد الأحد . وعليه تكون ( ألاّ تعبدوا إلا إياه ) هي عين ما تقصده ( لا إله إلا الله ) في حقها وحقيقتها وأبعاد مخالفتها كما في قوله تعالى : ( إنّ الله لا يغفر أن يُشرك به ) .
- وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً : (مع تمني الوقوف وتدقيق الملاحظة) الواو حرف عطف وهو يُفيد أن ما بعدها يشترك مع ما قبلها في معنى واحد  . وما قبلها هو القضاء الجازم بعدم جواز عبادة غير الله 
وعليه يكون المقصد أنّ الله أمر وقضى قضاءً جازماً حاسماً مِن غير إجازة لأحد   (((بوجوب  ))) معاملة الوالدين إحساناً . والتمنع عن ذلك أو التهاون فيه حاله كحال الإشراك بعبادة غير الله .
=== ومَن يتوهم أن ذلك مجرد وصية وإرشاد وأنّ الولد المُحسن لوالديه هو مفضل ومُنعم فقد سلكَ خطأً في فكره وأساء إلى محاسنِ فعله بأن أرجع الفضل لنفسه ولم ترتعد فرائصه من عظيم ما أمر الله وما قد يلحقه من هول مخالفته .
= ملاحظة يُجدر الوقوف والسؤال عنها : لِما لم تكن العبارة القرآنية ( وقضى ربُكَ ألاّ تعبدوا إلا إيّاه ((وبالإحسان إلى الوالدين)) )         
       بل ( وبالوالدين إحساناً ) ؟؟؟........     
 حيث إستوحيت منها والتوفيق بالله أنّ قضاء الله هو إفادة : أن نجاة الإنسان من غضبه عز وجل             في إثنتين :
1- توحيد العبادة لله .
2- الإحسان الذي يحتاجه المرء لنفسه .
 وهنا كأن الله تعالى دلّ الإنسان حيثُ يُمكنه تحصيل الإحسان الذي يحتاجه وقال : هذان والداك (أحسن إلى نفسكَ بهما) .
= = = ونأتي إلى إنعطاف الآيات لذكر أهم تفاصيل الإحسان بالوالدين : 
1- إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا : في حال بقي أحدهما أو كلاهما حياً ( عندكَ ) .                      قِف وإسأل : هل (عندكَ) تعني في بيتكَ حصراً ؟ 
أم (وهو ما أستقرِبه ) أنّ ( عندكَ ) تعني في رعايتك في كنفك في حضنكَ بغض النظر عن مكان السكن .   
2-  فمجرد وصولهما إلى كِبَر السِنِ فقد صارا عندكَ وأنتَ المأمور والمُطالب بالقيام برعايتهما ، المسؤول عن كرامةِ عيشهما ، عن سكَنِ نفسيهما ، عن هناء ما بقي لهما مِن بقاء في الدنيا . ......      وليس هذا من باب التفضل منك بل هو إلزام إلهي وتكليف من ربِكَ رب العباد الذي له وحده الحكم لكَ أو عليكَ .   
         ولاحظ : 
= الأمر الإلهي لا ينظر إلى إستحقاق الوالدين أو العكس  
ولا إلى صحيح إيمانهما أو العكس 
ولا إلى حسنِ طاعتهما ومسلكهما أو العكس .  
     بل لِمجرد كونكَ ولدهما توجهت العزة الإلهية إليكَ بالتكليف كما أمرتك بعبادة الواحد الأحد بلا شريك 
جعلتهما (عندك) فانظر إلى مقدار أمانتك في ما جعله في رقبتك وترّقب مساءلته لك في ذلك يوم لا حكم إلا لله .
= لكن لِماذا النص على حالة كِبرهما في السن 
مع العلم أنّ المطلوب هو البِر بالوالدين كل العمر ؟
وجواباً : أنهما أيام شبابهما وقوتهما : 
كانا أقدر على رعاية شؤونهما ، وأقدر على الحفاظ على كرامتهما أو المطالبة بما لهما من حق ، وأغنى عنكَ بل أنتَ الأحوج لهما ، 
وأكثر من كل هذا كانا يستمران بالفيض عليكَ عطاءً بقدر وسعهما حتى بالغضِ عن تقصيركَ وعقوقكَ والردِ بالدعاء والتوسل لربِكَ أنْ يكُفَ عنكَ غضبه . 
والآن كَبِرا وعجزا عن كل ذلك وصار كل أمرهما إليكَ فقف واقرأ بعض أوامر الله :
--------     يأتي الباقي لاحقاً بتوفيقه عز وجل .
=====      
إبراهيم فوّاز .

  • المصدر : http://www.el-balagh.net/edara/subject.php?id=175
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 08 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29