• الموقع : البلاغ : موقع سماحة الشيخ إبراهيم فواز .
        • القسم الرئيسي : الأبحاث والمقالات .
              • القسم الفرعي : مواضيع قرآنية .
                    • الموضوع : وقفة مع سورة الماعون .

وقفة مع سورة الماعون

  وقفة مع سورة الماعون :

كنتُ قد ذكرتُ في وقفةٍ سابقة العبارة التالية :

في كل قراءة للنص القرآني ينبغي الإلتفات إلى أنّ كل مفردة وأداة وُضعت في مكانها لغاية لا يجوز التغاضي عن ضرورة بذل الجهد لإدراكِ خصوصية مقاصدها .

= وهنا مع سورة الماعون لا بُد مِن الوقوف كثيراً عند :

=== حرف ((( الفاء ))) و ((( ذلكَ )))

حيثُ رأيتُ أنّ جوهر أبعاد هذه السورة يكمن فيما يُشيران إليه مِن مقاصد .

وعود إلى بداياتها :

= الماعون : هو كل ما يُنتفع به ولو بالإعارة أو ما يتعارف الناس على إعانة بعضهم للإنتفاع به .

= صيغة السؤال ( أرأيتَ )

كأنّ المراد بها إلفات النظر (عن جهة) (إلى جهة أخرى) الأرجح أنها غائبة عن فهم الناس المعتاد للسؤال .

= المتبادر المعروف أنَّ الذي يُكذِبُ بالدين هو الكافر المحض لكن …

= إجابات الآيات المترابطة تفيد أنّ المقصود والموصوف بجرم التكذيب بالدينِ هنا هم أشخاص آخرون بدليل :

=== أنّهم يُصلون والصلاة من مستلزمات الإيمان بالله وشرع الله .

= ( فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) :

=== (الفاء) هي حرف عطف كما هو المعروف لكنها:

= تأتي بمعنى السببية والتعليل : أي أنَّ ما بعدها سبب وعلة لِما قبلها .

= أي أنّ قهر اليتيم وعدم الإهتمام أو المساهمة في إطعام المسكين ((( هما السبب ))) في الحكم على هذا بجرم التكذيب بالدين .

=== الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ

«الَّذِينَ» في محل صفة المصلين المستحقين للويل

=== الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ

«الَّذِينَ» هنا بدل من الذين السابقة وبيان توضيحي للمقصود بها

=== وانظر الآن إلى هذه الصورة في الخطاب :

هل رأيتَ المكذب بالدين ؟ ليس هو الذي تظنه عادة … بل هو الذي لا يتحرك فيه شعور امام يُتم اليتيم وجوع المسكين ورغم ذلك يدَّعي الإيمان والتديّن .

أمثال هذا ربما كانوا من المواظبين على الصلاة ( حتى أنّهم يوصفون بالمصلين )

لكن أمام جرمهم العظيم

الويل لهم

فأي صلاة صلاتهم ؟

وأي دين في تدينهم ؟

وهم لا يتحركون لنجدة مكسور ومحتاج.

والسؤال هنا :

أينَ العلة أهي في الدين والصلاة ؟

أو في إدِّعاء التديّن والصلاة

رب العالمين رب الناس جزم حكمه :

أنَّ تدينكَ كاذب وصلاتك مراءة

فأي صِلة وتقربٍ مع الله تدّعي

وأنتَ البعيد عن آلام وحاجات الناس كما أفاد صريح كلام رب الناس

أنتَ وأمثالك أنظر قوله تعالى فيكم :

الذين هم عن صلاتهم ساهون

سهوكم ليس في الصلاة بل عن الصلاة

فقد نزعتم عن صلاتكم فعلها وأثرها

صارت صلاة عارية من صميمها وجوهرها

فلا أثر لها مع الناس ،

لا فعل لها في عقولكم المريضة

وفي نفوسكم الشحيحة

إذاً أنتم تُراؤون في صلاتكم

أنظر إلى عبارة الذين يُراؤون

حيث لم تشفع لهم صلاتهم لأنها بلا معنى ولا قيمة

فقد أضاعوها بقساوة القلوب وتناسيهم لآلام الناس وحاجاتهم

وجلبوا لأنفسهم الغضب والتهديد من رب العالمين

ما أعظمها شنيعة أن تطلب الرضا بعمل محببٍ لربكَ فيتنزل عليك الغضب

والسبب يتيم ومسكين

هددك ، توعدك بالويل رغم صلاتك

لأجل يتيم ومسكين

رفضك الله

لأجل يتيم ومسكين

أضاف صلاتك إلى ويلات المرائين

لأجل يتيم ومسكين

وما معنى تهديد مَلكُ يوم الدين لك بالويل

لأجل تمنعك عن إعانة جارٍ أو محتاج ولو بإعارة

الجواب بدأتْ حروفه مِن بداية السورة

لأنكَ كاذب في إدعائك معرفتكَ الدين

وكاذب بإدعائك تواصلكَ مع رب العالمين

فخذ مِن الدنيا ما تشاء

وإبخل بما تشاء

لكن إيّاك أن تدّعي

معرفة الله

أو الإيمان بالله

أو التدين بدين الله .

=== أخيراً أقول إنّ هذه السورة صعقتني

حيثُ خلاصتها :

أنّ تدينكَ وصلاتك محكومان بالكذب والرياء

والله ربُكَ مع سعة رحمته وعظيم غفرانه

لا يُريدك ويرفضك ويتوعدكَ

فقط لأجل شعور يتيم وجوع مسكين وحاجة مستعين

فهل بعد هذا كلام ؟؟؟ .

===

أستغفر الله وأسأله التسديد قبل العمل

وحسبيَ الكافي ربي .

=====

إبراهيم فواز.


  • المصدر : http://www.el-balagh.net/edara/subject.php?id=171
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 08 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19