• الموقع : البلاغ : موقع سماحة الشيخ إبراهيم فواز .
        • القسم الرئيسي : الأبحاث والمقالات .
              • القسم الفرعي : مواضيع قرآنية .
                    • الموضوع : وقفة مع آية انّ قارون كان .

وقفة مع آية انّ قارون كان

  وقفة مع آية : إن قارون كان :

قال تعالى : إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ.

وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ، قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي

……..  فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ …….

بتوفيق الله وتسديده أقول :

هذه الآيات إستوقفتني لأيام طوالٍ

والسؤال الأهم الذي يُطرح إبتداءً:

لماذا إيراد قصة هذا الرجل في كتاب الله الكريم وهو لم يكن نبياً ولا فرعوناً طاغياً ولا داعياً إلى الكفر ؟

نعم قد ورد في القرآن عدة قصص كمثالٍ لمواقفٍ لكن دون تسمية أشخاصها .

فما القصد مِن تسميته والعناية بذكر قصته مع وضوح المقصد العام مِن أخذ حاله عبرةً لمن يعي .

أول ما لاحظته هو :

قول الله إبتداءً: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى.

وكأن المراد قطع ومنع التأويل بأن البغي لا يصدر إلا مِن الكافرين وأتباع الطواغيت

فهذا قارون كان من أتباع موسى الذين أنجاهم الله من فرعون وطغيانه .

أوسع الله عليه الرزق .

فبغى على قومه تعالياً وإستكباراً .

ضاق الناس ببغيه .

عملوا على نهيه وتذكيره : لا تفرح ( فرح التعالي ) إنّ الله لا يُحب الفرحين (المتعالين على الناس ) وهنا إشارة إلى إدعائه الإيمان بالله ونبيه وإلا لم يكن محل لتذكيره بأمر الله ،وأحسن كما أحسن الله إليك ، ولا تبغ الفساد …...

= هنا أتمنى ملاحظة الآتي :

((( إيمان أضيف إليه ثراء كبير )))

نتيجته عند قارون = بغي وتعالٍ وإفساد

نتيجته المفترضة في ميزان الإيمان بالله = إبتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة (كما هي لوازم الإيمان ) ولا تنسى نصيبكَ مِن الدنيا (بما أحلّه ويرضاه الله لكَ) (((وأحسن كما أحسن الله إليكَ))).

وبتعبير آخر : إنّ الرزق الوافر يُفترض أن يظهر:

 في صدق إنتمائكَ وإيمانكَ ،

وفي علاقتك بمجتمعكَ .

===    لــــــــــكن عند مِثالِ قارون صار :

إنفصاماً وإنفصالاً عن المباديء والمجتمع .

وعليه فما النتاج للحال القارونية :

= عند مِثال قارون : هو القول : إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي .

أي مزيد من التعالي والبغي والإستكبار بترجمة : لا دخل حتى لله في ما أنا فيه مِن عزٍ ورفاه بل هي قدراتي وذكائي .

= عند ميزان المبادىء والحق : فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ . وبترجمة : إنّ مَن يفصله الغِنى والرفاه عن مبادئه ومجتمعه : جزاؤه الموضوعي أنْ يُخسف به وما يملكُ بعيداً عن المجتمع الإنساني فلا هو منه ولا يُفترض أنْ يَقربه .

لأنّ الإبقاء على أواصر ربطٍ مع كلِ قارون لن ينتج إلا مزيد الإفساد والإنقسام في المجتمع .

ومَن لا ينفع معه التذكير بالمباديء والإنسانية ليس له إلا الخسف به مِن دائرة المجتمع وليذهب بطغيانه إلى حفائر النسيان .

وكم مِن قارونٍ في مجتمعاتنا علينا أن نخسف بهم مِن ذاكرة حياتنا .

والله الموّفق والمستعان

وحسبي الله ربي وهو الكافي

=====        

إبراهيم فوّاز .


  • المصدر : http://www.el-balagh.net/edara/subject.php?id=167
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 07 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19